البرازيل تهدد آبل بعقوبات في حال عدم فتح متجر التطبيقات أمام المطورين المحليين

البرازيل تهدد آبل بعقوبات في حال عدم فتح متجر التطبيقات أمام المطورين المحليين

في خطوة غير مسبوقة، دخلت الحكومة البرازيلية في صراع مع شركة آبل حول سيطرة الأخيرة على متجر التطبيقات في البلاد. تهدد السلطات البرازيلية بفرض غرامات ضخمة على شركة آبل ما لم تفتح متجر التطبيقات الخاص بها للمطورين المحليين بطريقة أكثر حرية. يأتي هذا التصعيد بعد تزايد الانتقادات بشأن السياسات التي تتبعها الشركة الأمريكية في توزيع التطبيقات، وخاصة فيما يتعلق بمشروطية نشر التطبيقات عبر متجر “آب ستور” الذي يفرض رسومًا كبيرة على المطورين.

خلفية الأزمة

تشهد البرازيل في الآونة الأخيرة نموًا كبيرًا في صناعة التطبيقات والبرمجيات المحلية، وهو ما جعل الحكومة تشعر بالقلق من الهيمنة الكبيرة التي تفرضها آبل على هذا السوق. في حين أن متجر “آب ستور” يعد من أكبر الأسواق العالمية لتوزيع التطبيقات، إلا أن الكثير من المطورين المحليين يعانون من شروط وآليات صارمة تجعل من الصعب عليهم نشر تطبيقاتهم بسهولة، خاصة إذا كانوا يواجهون تحديات تتعلق بالرسوم المرتفعة التي تفرضها آبل على كل عملية بيع أو تنزيل عبر المتجر.

وتتمثل أبرز الشكاوى في أن آبل تفرض رسومًا على التطبيقات تصل إلى 30% من قيمة كل عملية شراء تتم عبر متجر التطبيقات، وهي نسبة يعتبرها العديد من المطورين في البرازيل غير عادلة ولا تدعم نموهم في السوق المحلي. بينما يرى المطورون أن هذا الإجراء لا يتماشى مع التوجهات العالمية لدعم المبدعين المحليين، حيث أن بعض الشركات العالمية الكبرى مثل جوجل بدأت في تقديم حلول أكثر مرونة لدعم المطورين الصغار.

الإجراءات الحكومية

ردًا على هذه الانتقادات، قامت الحكومة البرازيلية بزيادة الضغط على آبل، حيث أصدرت وزارة الاقتصاد المحلية بيانًا رسميًا أكدت فيه ضرورة تعديل آبل لسياساتها في أقرب وقت. وتبحث السلطات البرازيلية إمكانية فرض غرامات على الشركة الأمريكية في حال عدم تغيير شروط الاستخدام المفروضة على متجر التطبيقات، وهو ما قد يكون له تأثير كبير على سمعة الشركة في السوق البرازيلية التي تعتبر من أكبر أسواق الهواتف الذكية في أمريكا اللاتينية.

المسؤولون في البرازيل يرون أن الشركات الكبرى مثل آبل يجب أن تعمل بما يتماشى مع المصالح الاقتصادية المحلية، وأنه لا يمكن السماح لها بالهيمنة على السوق بهذا الشكل. بالإضافة إلى ذلك، أشاروا إلى أن البرازيل كانت من بين الدول الأولى التي فرضت قوانين حماية البيانات والمنافسة بشكل صارم، ما يجعل القوانين البرازيلية قوية في وجه مثل هذه الهيمنة.

آبل تستجيب للتحذيرات

في المقابل، لم ترد شركة آبل بشكل رسمي على المطالب البرازيلية، ولكن من المتوقع أن تقوم الشركة بمراجعة سياساتها في حال فرضت الحكومة قيودًا أو غرامات على متجر “آب ستور”. وتعرف الشركة الأمريكية بأن السوق البرازيلية يمثل جزءًا مهمًا من مبيعاتها السنوية، وخاصة في مجال الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. لذلك، قد تبدأ آبل في اتخاذ بعض التدابير لتخفيف القيود المفروضة على المطورين، حيث شهدت في الماضي تغييرات في سياستها بعد تعرضها لضغوط من حكومات في مناطق أخرى.

التوقعات المستقبلية

من المتوقع أن يشهد هذا الصراع تطورات جديدة في المستقبل القريب، حيث أن البرازيل قد تكون نموذجًا يحتذى به من قبل دول أخرى ترغب في فرض مزيد من الرقابة على الشركات الكبرى التي تدير أسواق التكنولوجيا. ومن المحتمل أن تتبع دول مثل الأرجنتين والمكسيك، اللتين تواجهان تحديات مشابهة في تعاطيهما مع شركات التكنولوجيا الكبرى، النهج نفسه في الضغط على الشركات العالمية مثل آبل وجوجل لتغيير سياساتها.

إن تطور هذه الأزمة قد يفتح الطريق لتعديلات في اللوائح العالمية لأسواق التطبيقات، حيث يشهد قطاع البرمجيات والمحتوى الرقمي في هذه المنطقة تحولًا نحو سياسات أكثر دعمًا للمطورين المحليين والمبدعين. ورغم الضغوط التي قد تتعرض لها آبل، إلا أن الشركة تملك الإمكانيات اللازمة للدفاع عن ممارساتها في حال تم اتخاذ أي خطوات قانونية ضدها.

إن التصعيد بين البرازيل وآبل حول متجر التطبيقات يعكس النزاع المستمر بين الحكومات والشركات الكبرى التي تدير أسواق التكنولوجيا. بينما تدعو الحكومة البرازيلية إلى تحسين بيئة العمل للمطورين المحليين، فإن آبل تواجه تحديًا كبيرًا في التكيف مع متطلبات السوق المتغيرة. وفي الوقت الذي تشدد فيه الحكومات على فرض قوانين تنظيمية أكثر مرونة وعادلة، يبقى مستقبل العلاقة بين آبل والبرازيل معلقًا على التوافقات المحتملة بين الطرفين.