ناسا تأجل خطة العودة إلى القمر: موعد جديد في 2026
تعد مهمة العودة إلى القمر واحدة من أبرز المشاريع الفضائية التي طال انتظارها. لطالما كانت ناسا تتطلع إلى تحقيق هذه المهمة العظيمة عبر برنامج “أرتيميس”، الذي يهدف إلى إعادة البشر إلى سطح القمر لأول مرة منذ أكثر من 50 عامًا. ولكن في خطوة مفاجئة، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية عن تأجيل موعد العودة المقرّر لعام 2024 إلى عام 2026، ليصبح السؤال الأكثر تداولًا هو: لماذا هذا التأجيل، وما الذي يعنيه هذا للبرنامج الفضائي؟
الأسباب وراء التأجيل
تأجيل مهمة “أرتيميس” إلى عام 2026 لم يكن قرارًا مفاجئًا بالكامل بالنسبة للبعض، بل كان نتيجة لمجموعة من التحديات التقنية والتنظيمية. أولًا، واجه برنامج “أرتيميس” تأخيرات كبيرة في تطوير أنظمة الإطلاق الأساسية التي ستستخدمها الوكالة لإطلاق رواد الفضاء إلى القمر. وتحديدًا، كانت هناك مشاكل في تطوير الصاروخ العملاق “Space Launch System” (SLS)، وهو الجزء الأساسي من البنية التحتية للمهمة. كانت هناك تأخيرات في إنتاج بعض المكونات الحيوية، مثل المحركات التوربينية والمعدات الخاصة بالتحليق.
بالإضافة إلى هذه القضايا الفنية، كانت هناك تحديات مالية أخرى، حيث اعترفت ناسا بوجود تكاليف إضافية غير متوقعة. ارتفع الإنفاق على تطوير الأجهزة والأنظمة الخاصة ببرنامج “أرتيميس”، مما دفع الوكالة إلى إعادة تقييم الجدول الزمني.
تأثير التأجيل على الأهداف المستقبلية
تأجيل مهمة “أرتيميس” إلى عام 2026 يعني أيضًا أن العديد من الأهداف الطموحة التي وضعتها ناسا ستتأخر. كان من المفترض أن تكون الرحلة الأولى ضمن “أرتيميس” خطوة مهمة نحو العودة المستدامة إلى القمر، تمهيدًا لاستكشاف المريخ في المستقبل. ولعل أحد أبرز هذه الأهداف كان إنشاء قاعدة قمرية دائمة، وهو ما يهدف إلى أن يكون المحطة الأولى من نوعها لاستكشاف الفضاء بعيدًا عن الأرض.
من خلال تأجيل هذه المهمة، سيتم إعادة جدولة الكثير من الأنشطة المرتبطة بها، بما في ذلك التحضيرات للمركبات الروبوتية، استكشاف المناطق غير المكتشفة على سطح القمر، والعمل على تطوير أنظمة جديدة للسفر بين الكواكب. ستكون هناك فترة إضافية للتركيز على إصلاح الأنظمة الحالية وتعزيز التجهيزات التي ستستخدم في المهمات المستقبلية.
تطور اهتمام العالم بالقمر
رغم التأجيل، لا يزال القمر يحتفظ بأهمية كبيرة على الصعيدين العلمي والتكنولوجي. يعد القمر هدفًا استراتيجيًا للعديد من الدول حول العالم، حيث تسعى القوى الكبرى مثل الصين وروسيا لإرسال رحلات إلى القمر. الأمر الذي يزيد من أهمية برنامج “أرتيميس” بالنسبة للولايات المتحدة، حيث يسعى لتحقيق ريادة فضائية جديدة والتمهيد لاستكشافات جديدة في الفضاء العميق.
ورغم التحديات التي واجهتها ناسا، فإن هذه المهام تعد خطوة أساسية نحو التأكد من أننا قادرون على الوصول إلى القمر واستكشافه بشكل مستدام. فالبحث في المعادن على سطح القمر، مثل الهيليوم-3، يفتح آفاقًا جديدة للطاقة المستقبلية.
التوقعات للمستقبل
بينما تنتظر ناسا المزيد من الوقت لإطلاق مهماتها، يستمر تطوير التكنولوجيات الجديدة التي ستستخدم في السفر الفضائي. يشمل ذلك تحسين تقنيات الدفع، والأنظمة الحياتية للمركبات الفضائية، وتطوير المعدات المخصصة لرواد الفضاء. بالإضافة إلى ذلك، تُخطط ناسا للاستفادة من المحطات المدارية حول القمر، والتي ستُعتبر محطات دعم لاختبار الأنظمة الفضائية قبل استخدامها في مهمات بعيدة المدى إلى المريخ.
ومن المتوقع أن يتضمن برنامج “أرتيميس” في المستقبل مزيجًا من المهام التي تشمل ليس فقط رواد الفضاء، بل أيضًا المركبات الروبوتية والأجهزة القمرية التي ستعمل جنبًا إلى جنب مع الإنسان لتوسيع نطاق المعرفة البشرية حول الفضاء.